
أنوفيا- شيف السويسري دارين الارد، البالغ من العمر 58 عامًا، الذي قرر في سن 17 متابعة مسار مهني في الطهي، قام بالتدريس في الأكاديمية الملكية لفنون الطهي (RACA) في الأردن من عام 2011 حتى 2013، حيث ألهم الطلاب، وتحدى المفاهيم الاجتماعية الخاطئة حول هذه المهنة، وانغمس في التقاليد الطهوية الغنية للبلاد، من المنسف واللبنة والزعتر إلى الشراك والضيافة المحلية الكريمة، وهي تجربة شكلت هويته كشيف بشكل عميق وعززت إيمانه بدور شيف كسفير ثقافي.
أجرت مجلة أنوفيا مقابلة معه ليشارك تجاربه في الأردن والانطباعات الدائمة التي تركها الناس والأماكن وتقاليد الطهي في المملكة عليه.
أنوفيا: ما الذي ألهمك للانضمام إلى الأكاديمية الملكية لفنون الطهي وتكريس نفسك للتدريس؟
شيف الارد: قبل انضمامي إلى فريق RACA ، كنت أدير استوديو للطهي في زيورخ، سويسرا، حيث عملت كمشرف ومدرس للطهي. خلال هذين العامين، تلقيت العديد من الإطراءات على أسلوب تدريسي وسهولة عرضي للمعلومات، مما دفعني للتقدم لشغل منصب مدرس الطهي في الأردن.
أنوفيا: كيف تعرف “ثقافة العار” المحيطة بالمهن الطهوية، وما الاستراتيجيات التي استخدمتها لتحديها؟
شيف الارد: بالطبع، في العديد من العائلات—وليس فقط في الأردن—هناك ضغط على الأطفال لمتابعة مهن مثل الطب أو القانون أو غيرها من المهن التقليدية. ومع ذلك، خلال الـ35–40 سنة الماضية، ارتفعت مكانة مهنة الطهي بشكل كبير، ويرجع ذلك جزئيًا إلى شيفات المشاهير الذين بنوا مشاريع عالمية، مثل ماركو بيير وايت، وولفغانغ باك، وآلان دوكاس، وجاستون أكوريو. كما أن برامج الطهي الشهيرة التي قدمها أشخاص مثل أنتوني بوردين وجوردون رامزي قد رفعت من مكانة المهنة، بينما تستمر الشخصيات الإقليمية مثل سلمى أبو عالية، الفائزة بلقب Top Chef MENA 2012، في إلهام الآخرين. شخصيًا، لم أرها يومًا كتحدٍ؛ فقد قررت في سن 17 أن أصبح شيفًا ووقفت دائمًا إلى جانب هذا القرار. وعلى الرغم من أن ساعات العمل والأجر ليست دائمًا مثالية، فإن الرضا الشخصي الناتج عن الإبداع، والتقديم، وإسعاد الآخرين لا يضاهيه شيء، ويحمل في طياته عنصرًا لا يمكن إنكاره من الفن.
أنوفيا: هل يمكنك مشاركة لحظة لا تُنسى من التدريس أظهرت لك تأثيرك على طلابك؟
شيف الارد: خلال سنتين ونصف من التدريس في RACA، كنت محظوظًا لبناء روابط قوية ودائمة مع العديد من طلابي؛ علاقات ما زلت أقدرها حتى اليوم. كانت هناك مجموعة واحدة بشكل خاص، فريق “الأزرق”، تبذل دائمًا جهدًا لتظهر تقديرها. دعوني في رحلات، واستضافت عشاءات، وأعدت هدايا مدروسة، وحتى صنعت فيديو وداع مؤثر قبل مغادرتي بفترة قصيرة. مثل هذه التجارب جعلت وقتي في RACA مجزيًا للغاية، مليئًا باللحظات التي سأحملها دائمًا معي.
أنوفيا: كيف أثرت تجربتك في الأردن على منظورك الطهوي ورحلتك الشخصية؟
شيف الارد: الأردن بلد رائع بتاريخ عميق، وأحد أغنى البلدان تقليديًا. من ناحية الطهي، هو جنة حقيقية، بفضل الإنتاج الوفير في الشمال والنكهات البسيطة والراقية لتخصصاته الإقليمية. لقد عدت إلى سويسرا منذ 12 عامًا، وما زلت أحاول العثور على “الأطعمة الشهية” مثل اللبنة والزعتر، مثل تلك التي كنت أستمتع بها يوميًا أثناء إقامتي هناك.
أنوفيا: ما هي عناصر المطبخ الأردني التي لفتت انتباهك أكثر، ولماذا؟
شيف الارد: ربما أكثر ما أدهشني في الطهي الأردني هو الكرم. لن أنسى أول إفطار لي مع شيف لافي (زميل في (RACA) والبوفية الرائع الذي قُدم لنا، أطباق لذيذة ووفيرة للغاية، مع زيت الزيتون المحلي، وحبوب الرمان، والشراك.
أنوفيا: ما مدى أهمية التبادل الثقافي في تشكيل هوية شيف؟
شيف الارد: هوية شيف تتشكل بالفعل من خلال التجارب في عالم طهوي متنوع. هذا التبادل الثقافي والنكهات أمر بالغ الأهمية لتطوير الأفكار والإبداع، وقد تأثرت هويتي الشخصية بشكل كبير بالوقت الذي قضيته في الأردن.
أنوفيا: ما النصيحة التي تقدمها للشيفات الشباب الذين قد يواجهون ضغوطًا اجتماعية أو مفاهيم خاطئة حول اختيارهم المهني؟
شيف الارد: لدى شيفات الشباب ميزة الوقت. أنصحهم بالصبر، والسفر، وتعلم أكبر قدر ممكن دون الانسياق فقط وراء السلطة أو المال. بمجرد اكتساب تجارب قيمة، ستأتي الفرص الجذابة طبيعيًا. ومع أن المجتمع يميل أحيانًا للابتعاد عن فن الطهي، جزئيًا بسبب ساعات العمل “غير المريحة”، إلا أن هذا لا يجب أن يثني أي شخص عن متابعة شغفه.
أنوفيا: في رأيك، هل يمكن للشيفات أن يكونوا سفراء ثقافيين، يمثلون تراثهم ويبنون جسورًا من خلال الطعام؟
شيف الارد: شيفات حول العالم—وليس فقط في فرنسا—يعملون كسفراء ثقافيين. بلدان مثل بيرو، والهند، وإيطاليا، وسلوفينيا، والمكسيك تظهر كيف تُحفظ التقاليد الطهوية، وفي بعض الحالات تُحسن من خلال تفسيرات وعروض جديدة.
أنوفيا: كم كانت مدة إقامتك في الأردن، وفي أي سنوات عشت وعملت هنا؟
شيف الارد: عشت في الأردن ودرست في RACA من فبراير 2011 حتى صيف 2013. أشعر حقًا بالندم على المغادرة وأتمنى لو كان بإمكاني البقاء لفترة أطول، إذ كانت التجربة مغيرة للحياة، والذكريات التي كونتها ستبقى معي دائمًا.

