رلى السماعين
أنوفيا – يوسف العلان، المعروف أكثر بكونه المصوّر الشخصي لجلالة الملك عبد الله الثاني، والذي تقاعد مؤخرًا، يروي رحلته الاستثنائية خلف العدسة؛ رحلة وُسِمت بالامتياز والتضحية والإخلاص لفنه.
يبلغ العلان 67 عامًا، متزوج وأب لأربعة أبناء، ويصف نفسه بأنه شخص حمل التفاؤل منذ أيامه الأولى.
ويقول: “كنت محظوظًا في طفولتي. كنت دائمًا مفعمًا بالحيوية، محبوبًا من الجميع، ومصدر طاقة أينما كنت. كنت وما زلت أنظر إلى الحياة بتفاؤل، بعيدًا عن المرارة والتشاؤم.”
لقد حمل هذه النظرة للحياة إلى عدسة الكاميرا، ويعود الفضل في ذلك إلى والده، الذي، بحسب العلان قد شكّل شخصيته وقيمه، وغرس فيه العزيمة التي رافقته طوال مسيرته المهنية.
بدأت رحلة العلان المهنية بتواضع.

“بدأت عملي في استوديو تصوير مشهور في عمّان يُدعى فراس. كانت صوري تنتقل من قلبي إلى عيني ثم إلى قلوب الناس، ولهذا أعتقد أنها تميّزت. ما جعلني مختلفًا هو اللمسة الإنسانية والصدق في العمل.”
سرعان ما لفتت هذه الأصالة انتباه الراحل محمود الكايد، رئيس تحرير صحيفة الرأي آنذاك، والذي طلب منه الانضمام للصحيفة عام 1976 لتغطية الأحداث المختلفة ومنها الرياضة. وبعد ذلك أصبح مصورًا دوليًا معتمدًا لدى وكالة الأسوشييتد برس عام 1981، حيث لاقت أعماله شهرة واسعة.
وجاءت نقطة التحول في مسيرته في العقبة خلال فعالية عسكرية، عندما التقط صورًا للباس العسكري. جميع الصور التي التقطها في ذلك اليوم نُشرت في مناسبة يوم الجيش الأردني.
“كل صوري نُشرت في ثمانية أعمدة كاملة. كانت فعلًا مميزة”، يتذكر بابتسامة.
لم يكن يتخيل أن تلك الصور ستغير مجرى حياته. ففي اليوم التالي مباشرة، تلقى اتصالًا من الديوان الملكي الهاشمي يُبلغه بأنه اختير ليكون المصوّر الخاص لجلالة الملك.
كان ذلك قبل 23 عامًا.
“العمل مع جلالة الملك عبد الله الثاني، حفظه الله، ليس وظيفة بل امتياز يومي ودروس في التواضع والاحترام والإخلاص.”

ومع ذلك يعترف العلان أن المهمة لم تكن سهلة أبدًا.
“أن تكون المصوّر الشخصي لجلالة الملك مسؤولية كبيرة. العمل شاق وجاد للغاية. كان يتطلب الكثير من الركض، حرفيًا الركض ، أمام جلالته لالتقاط كل لحظة تاريخية. كما كان عليّ أن أحمل حقيبتي المليئة بالمعدات اللازمة، وأبقى مركزًا، وأتجنب أي تشتيت، وأكرّس نفسي بالكامل لجلالته وللتاريخ الذي يصنعه.”
بالنسبة للعلان، كانت الصورة دائمًا أكثر من مجرد صورة؛ بل “لقطات تجسد المشاعر العابرة، الاحترام والقوة.”
قال العلان ل أنوفيا بأن أكثر من مليون صورة التقطها عبر السنين تجاوزت اللحظة ذاتها، لتكون علامات خالدة تحفظ المشاعر والمكان والقصة وراء كل صورة.
قادته مهنته إلى دول عديدة حول العالم، حيث وثّق لقاءات مع قادة عالميين ولحظات ذات ثقل تاريخي، وقد جُمعت معظمها في كتابه “على العهد“.
“إنه امتياز ونعمة من الله”.
لكن التضحيات كانت حقيقية.
“على الصعيد الشخصي، غبت عن الكثير من المناسبات في حياتي الشخصية والاجتماعية، والأهم أنني افتقدت اللحظات اليومية مع العائلة”، يقول علان.
وبحلول وقت تقاعده عام 2023، كان أولاده قد كبروا وأصبحوا آباءً وأمهات، مانحين إياه أحفادًا.
وعند استرجاع مسيرته، يعترف أنه لم يتخيّل أبدًا الطريق الذي سلكته حياته المهنية.
“أعلم أن التواجد مع جلالة الملك هو أمنية لكل أردني. كنت راضيًا بأن أكون مصورًا معروفًا لصحيفتين عريقتين، لكن لم أحلم يومًا أن أكون المصور الشخصي لجلالته. ولهذا فأنا مبارك.”
وعندما يتحدث عن جلالة الملك عبد الله الثاني، ينتقي كلماته بعناية لوصف قائد استثنائي.
“جلالته نادرًا ما يتعب. يقضي أوقاته الحرة في القراءة، ولديه إرادة صادقة لتحقيق السلام العالمي. تعلمت الكثير بمجرد التواجد بقربه؛ المراقبة والإنصات له انعكسا بعمق على حياتي الشخصية. التواضع هو تاج ما شهدته وتعلمته من جلالته.”
الآن، يتطلع علان للاستمتاع بمرحلة التقاعد، يقضي معظم وقته مع أحفاده، وينغمس في شغفه المؤجل كالزراعة في مزرعته، والاستمتاع بالجلسات مع أصدقائه المقربين، دون أن ينسى أن يتأمل في الكنز الثمين من الذكريات التي شكّلت حياته.
كاتبة مؤسِس والرئيس التنفيذي لمجلة أنوفيا





