مع فريال كرادشة، مالكة المطعم
في أحد أزقة مادبا القديمة، وبين جدران بيت طيني عاش فيه الجد يوماً، تنبعث رائحة المقلوبة وتتصاعد بخار المنسف، لا من مطبخ تقليدي، بل من قلب حكاية امرأة قررت أن تعيد الحياة إلى بيت الجدّ، وتمنح السياح تجربة لا تُنسى.

بدأت القصة عام 2013، حين كانت فريال تستضيف السياح في منزلها الخاص، تُعدّ لهم الأكلات الأردنية بيدها، وتقدّم لهم ما هو أبعد من الطعام: لحظة دفء، وذكرى بيت، وابتسامة مضيافة. كانت التجربة أشبه بجسر بين ثقافات، تُقدَّم فيه الأطباق كما تُقدَّم الحكايات: ببساطة وصدق.
“اقترحوا عليّ أن أرمم حكاية ستي المهجور وأحوّله إلى مكان يستضيف السياح، لا كمطعم، بل كمنزل يعيشون فيه التجربة الأردنية الأصيلة”، تقول فريال بابتسامة دافئة. وهكذا، وبدعم من زوجها وعمّها، وبدعم تقني من USAID، وُلد مشروع “حكاية ستي”.
لكن “حكاية ستي” لم يكن مشروعاً تجارياً عادياً. كانت فريال، كما تحب أن تصف نفسها، “ملكة في مطبخها”، تصنع خلطات البهارات بيديها، وتختار قائمة الطعام وفق شخصية الضيف. وأكثر الأطباق طلبًا؟ المقلوبة والمنسف، بطبيعة الحال.

السر؟ ليس في الطعم وحده، بل في الشعور. “أنا أستقبل الضيف وكأنه زائر في بيتي، وليس زبونًا في مطعمي”، تقول فريال، وتضيف: “أحب أن أسمع المديح، أن أشعر أن الضيف خرج سعيدًا، لا فقط شبعانًا”. وإن كانت لا تحب النقد الهدّام، إلا أنها تؤمن بأن العمل الجيد لا يُنتقد، ولهذا تبذل جهدًا مضاعفًا في التفاصيل، من النظافة إلى الديكور.
ولأن الشغف لا يتوقف عند المطبخ، قررت فريال أن تدعم النساء من حولها. بدأت بتدريب سيدات على فنون الطهي، لا ليشاركنها فقط، بل ليمتلكن مهارة تدعمهن وتفتح لهن أبواب الرزق. وهكذا، صار “حكاية ستي” تجربة متكاملة: مطبخ، ذاكرة، وتمكين.
في “حكاية ستي”، لا تأكل فحسب، بل تعيش لحظة حقيقية من التراث الأردني… وكأنك زرت الأردن حقًا، لا فقط مررت به..